ألإنسان هو أرقى الخلائق، صنعه الله على صورته ومثاله. الصورة هي الحرية، أما المثال فهو الكمال، إذاً خلق الله الإنسان حراً وكاملاً.
آدم بحريته عصى الله فنفاه من الفردوس ، وبسقوطه لم يخسر الحرية بل خسر الكمال. الإنسان لا يزال حراً ولكنه ليس كاملاً بعد، الكمال هو أن نحفظ وصية الله الآب وبالتالي نحفظ فينا ختم البنوّة.
الفردوس هو حياة أبدية مع الله ، وبما إن الله كاملٌ لا بد للإنسان كي يتنعّم بالحضرة الإلهية أن يكون كاملا ً وهذه هي غايته:” كونوا كاملين كما أن أباكم السماوي كامل.” والكمال- كما قال القديس غريغوريوس النيصي- هو أن تسعى إلى الكمال. كل فهمٍ غير هذا لا يقود إلى الله وكل تصّور للإنسان أقل من هذا لا يقود لا للملكوت ولا لإنسانية ذات كرامة.
إن غاية خلق الإنسان هي التأله، ” أنتم آلهه وبني العلي تُدعون.” والتأله شرطه الطاعة لله والقداسة وثماره العيش معه إلى الأبد في علاقة حياة.
العلاقة مع الله هي علاقة حياة إذاً وليست تديّناً، ليس هناك ما يُسمى أديان لأن ليس هناك إلهاً آخر.ثمة إله واحد وبشرية واحدة في علاقة حياة معه. الأديان هي من صنع البشر، اختلقوها بعدما خسروا الحياة مع الإله الحقيقي ليبرروا بها شهواتهم. فبعدما فشلوا في الارتقاء إلى مستوى أبناء الله صنعوا آلهة على مستوياتهم يبررون بها شهواتهم فخلقوا إله الحرب وإله الجنس وإله البحر وإله المطر وإله الحسد مع شتى إنواع الآلهة وعبدوها وهم في الحقيقة يعبدون مُلهمَ كل شر وكل نجاسة، من أضلّ آدم الأول أعني إبليس.
البشر أحرار في من يعبدون وفي ما يفعلون وسيدانون على حسب خياراتهم وأعمالهم. نحن لا نؤمن بالقدرية، لأن لا حق لله أن يدين أي أنسان إن كان هو من صنع قدره.
أمّا من يعيش حقيقة بنوة الله يرفعه الروح إلى مستويات أخرى فيرتقي في التفكير والمحبة، ويُشفق على من في الظلمة سالك ويتمنى له التوبة والخلاص. من لمس المسيحُ قلبَه وصار له صديقاً يقرأ الواقع والأحداث من منظار مختلف ملؤه المحبة والإيمان، المحبة لله وللقريب والإيمان أن إلهنا أب رؤوف وعادل.
إننا مدعوون للحياة مجدداً مع من وهبنا الحياة،إننا مدعوون لمعرف كتابنا، لقراءته وعيشه ونشره، إننا مدعوون لعيش حياة مسيحية حقة لكي تتحول حياتنا بشارةً ،إننا مدعوون أن نملأ كنائسنا مجدداً ونكرّم الصوم ونعيش الصلاة، إننا مدعوون أن نتوقف أن نعطي قيصر ما هو لله ونكفّ عن تأليه السياسيين والموت من أجلهم لنموت من أجل من مات من أجلنا، إننا مدعوون أن نعود لله ليعود بدوره إلينا ويرافقنا إلى بيوتنا ويشرح لنا الكتب ويبارك ويكسر الخبز معنا – كما فعل مع تلميذي عمواس-فنبصر ما لا يراه باقي الناس ونفهم ما لا يفهمون.
المسيحية ليست ديناً، المسيحيون ليسوا ناساً عاديين، إن عاشوا كذلك يصيرون كباقي الأمم ويعيشون بلا رجاء لأنهم يُحدرون إلههم إلى مستوى آلهة العالم، عندها سيُدانون أكثر من باقي الناس لأنهم يعرفون ولا يأبهون.” لو لم تعرفوا لما كان عليكم من خطيئة لكن لأنكم تعرفون فخطيئتكم أعظم.”
قال الرب للتلاميذ في المركب عندما كانت تضربها الريح:” لا تخافوا” وهو اليوم يقول لتلاميذه أيضاً لا تخافوا ولا تشكّوا وإن ضربتكم رياح الشرق والغرب. أما لمن ليس تلميذاً بعد يقول،إرجع وادخل السفينة ودعني أقود حياتك فأنا رب الريح ورب الكون ورب الأرباب وكل ركبة ستسجد لي إما الآن أو عن قريب.
الأب ثيوذورس داود
March-2-2015